Sunday 8 April 2007

يا له من رجل

هذه قصة من صميم الواقع حدثت في إحدى الإمارات العربية المتحدة، وصاحبها ذاك المحسن الكبير الذي انتقل إلى جوار ربه قرير العين مسرور الخاطر إن شاء الله لأنه لم يفعل إلا الخير للآخرين.

حدثت هذه الحكاية قبل سنوات معدودات من رحيله.. كان ذلك الرجل الطاعن فى السن إنسانا طيبا إلى أبعد حد. جوادا بكل المعاني، متواضعا إلى الحد الذي يوصف فيه التواضع.

كان جالسا ذات يوم على كرسي مستطيل يسمىتخت أمام مدخل شركته التجارية ومر أحد العمال أمامه وعلى مايعتقد أنه من الهند ورأى ذلك الرجل العجوز يجلس القرفصاء فرق له قلبه، فما كان من هذا العامل إلا أن أخرج ورقة ذات العشرة دراهم ووضعها فى يد شيخنا المتواضع، فانتبه له وناداه بعد أن كان قد غلب عليه النعاس. طلب من العامل الجلوس بجانبه لكي يتحدث معه لأنه محتاج لصديق مثله، واتضح أنه يجيد شيئا من اللغة الهندية بحكم زياراته العديدة لتلك البلاد لكونه تاجر.. دار الحديث عن متاعب الحياة التي بين له الشيخ أن الظروف الصعبة تجمعهما معا وقد طلب منه اسمه الكامل وعنوانه ورقم هاتفه إن وجد ومكان عمله، فربما يزوره في يوم من الأيام لأنه وجد فيه صديقا طيبا ووفيا..

في اليوم التالي اتصل شيخنا بذلك العامل وطلب منه أن يلتقيا في المكان نفسه وكان بانتظاره، أخذه من يده وأدخله إلى الشركة ودلف معه إلى مكتبه. انبهر ذلك العامل ودهش عندما رأى اهتمام من حوله من العاملين بذلك الشيخ الهرم وبرزت أمام عينيه شتى علامات التعجب!.. سأله عن أمواله وظروفه وراتبه ونوعية العمل الذي يمارسه وهل هو متزوج أم لا وإن كانت أسرته تعيش معه؟ فشرح له ذلك العامل كل شيء... عندها بين له شيخنا وضعه كتاجر واسمه وعرض عليه العمل لديه كسائق خاص وطلب منه إحضار أسرته وقد منحه شقة في إحدى عماراته بلا مقابل، وخصص له راتبا يوازي ثلاثة أضعاف راتبه مع تذكرة سفر إلى بلده كل سنتين له ولعياله. وانفرجت أسارير ابن الهند وهدأت أعصابه.

وصار وفيا مخلصا لذلك الشيخ وتحسنت أحواله بشكل لافت للنظر فيما بعد، لدرجة أن أصحابه صاروا يغبطونه على ذلك. وهذا هو جزاء من يحسن إلى الناس يحسن الله إليه وهو والحق يقال يستحق كل هذا، والله يرزق من يشاء بغير حساب، إنه نعم المولى ونعم النصير...

هذه نصيحة عملية ونموذج حي لكل من يعامل من لديه من العمالة المسلمة معاملة الحيوان بل أقل. اتقوا الله فيما ابتلاكم به من نعم، واعلموا أن الناس تنظر إلينا كممثلين للإسلام، فالله الله في معاملة المسلمين، ولا تكن عونا للشيطان على أخيك.


منقول

Thursday 5 April 2007

العاصفة ...قصة مؤثرة

العاصفة...

في لحظة عاصفة مجنونة قرر قراره ووضع متاريس حول عاطفته وحدث نفسه " أجل .. سوف أتخلص من عذابك .. من السنوات المريرة التي عشتها معك .. ثم أنسى صوتك المبحوح الذي تابع خطواتي وأقلق غفواتي .. وأرتاح من أعمالك المدمرة سوف أنسلخ من ذاتي وأرمي بك هناك ". كان يحدث نفسه وهو يقود سيارته وقد وصل أطراف مدينته …
ويسترق النظرات اليها وهي نائمة على الكرسي بجواره … ثم ينتابه شيء من الضحكات الهستيرية … شاعرا بنشوة النصر … لأنه زاد جرعة الحبوب المنومة . أحس أن الظلام زحف مبكرا . فالسماء ملبدة بالغيوم والهواء بدأ يشتد فقال لنفسه :" سأسرع قبل أن تشتد العاصفة سأرمي بها بعيدا ثم أهرب … سأختار لها موقعا مناسبا !! وبعد العاصفة ستشرق حياتي مع بداية الربيع ".
توغلت سيارته في الطرق الترابية .. بدت له شجرة كبيرة ملتفة الأغصان فقال لنفسه :" هنا سأريح وأستريح !!"
ثم حمل الصغيرة ووضعها بهدوء …نظر إليها نظرة الوداع … قاوم دموعه وركب سيارته قاصدا العودة .
حاول أن يسرع بسيارته … لكن العاصفة هاجمته قبل أن يبتعد كثيرا عن الصغيرة النائمة ضغط على مقود سيارته كأنه بطل سباق … فانغرست عجلات سيارته في التراب .
لف معطفه وأحكم غطاء رأسه . وخرج يحاول علاج الموقف … فتح باب السيارة … لفح وجهه الهواء البارد .. فارتعدت مفاصله . ثم سمع صوت ذئب … فتضعضعت قواه … وبكى ، أغلق باب سيارته … ووضع يده على جبينه واسترسل في البكاء … وأخذ يتذكر كلام أمها رحمها الله :
_ إنها قدرنا يا أحمد . بل هو امتحان من الله لنا
_ أنا أدعو الله عليها ليل نهار ! فتجيبه بصوتها الحنون :
_ بل أدع الله لنا ولها يا أحمد …
تنهد بعمق وقال لنفسه : كم عانت أمها معها و صبرت … أما أنا فلم أحتملها سوى أشهر قليلة وها أنا أهرب من ذاتي وأرمي بها .
أحس أن نبع مشاعره تفجر فأغرق كيانه … وعلم أنه سلك سبيل الشقاء وجانب درب السعادة .. كيف يهرب من مشاعره الأبوية مدى الحياة ؟ وهو الذي استسلم بعد دقائق معدودات .
بل كيف يتركها للذئاب تنهشها ويرمي نفسه بين رحى الألسن الحادة التي ستلاحقه والنظرات المتسائلة التي ستتابعه ؟ اشتدت العاصفة فنهض مسرعا وخرج من سيارته باحثا عنها كالمذعور ، وأخذ يركض بين الشجر رأى جميع الأشجار كبيرة ، فأخذ يبحث تحت كل شجرة ويشهق لهفة عليها ، ويدعو الله أن لا يكون قد اختطفها ذئب … أو سرقها أحد .
لم يكتشف أنه غبي بليد إلا في تلك اللحظات … ركض ولهث وتعب ثم سمع صوتها تبكي بذعر بالغ .!!!
اختلطت الأصوات لديه ، صوت الريح المجنونة مع الأمطار المنهمرة ممزوجا بصوت الذئاب المسعورة لكن صوتها هي .. كان أخفت الأصوات في سمعه وأشدها في قلبه !!
تابع الركض … سارع الخطوات خفق قلبه ، قاوم مخاوفه ، إنه يريد أن يصل إليها عبر كل المتاهات التي يراها أمامه ، بدأت خطواته تسير في الاتجاه الصحيح … وضح صوتها أكثر ، اقترب منها سبقت ذراعاه قدميه … عانقها بلهفة … أغرقها بقبلاته ودموعه ، حدق في عينيها وقال :
"عيناك الجميلتان قدري وسوف أرضى به" ..
حملها ، ومسح رأسها وقال لنفسه : رغم "بلاهتها " فهي ابنتي … حبيبتي … وهي هبة الرحمن لي. حملها على ظهره المنهك ، وتذكر وجه أمها المضيء وثغرها الباسم وهي تردد الآية الكريمة :

{وربك يخلق ما يشاء ويختار ، ما كان لهم الخيرة}

منقول من موقع طريق الاسلام